بيان تهنئة وتوصية
الحمد لله مؤيّد المؤمنين وناصرهم ولو بعد حين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
فإنّ رابطة العلماء السوريّين تبارك للشعب السوريّ الحرّ انتصار الثورة المباركة على عصابة القهر والاستبداد في بلادنا، وتؤكّد أنّ أجر هذا الفتح الكبير في صحيفة كلّ شهيد قتل من أوّل ثورةٍ على هذا النظام المجرم في الستينيات والسبعينيّات والثمانينيّات، وأنّ شهداء الثورة الأخيرة ومشايخها لهم الفضل الأكبر في حفظ عقائد الناس ويقينهم بنصر الله تعالى، ونسأل الله أن يجعل العاقبة خيرا.
وتودّ الرابطة أن تبيّن أنّ مرحلة ما بعد التحرير والنصر تحتاج تكاتفًا في الجهود، وتشاركًا في البناء، على قاعدةٍ من المعاني الشرعيّة الأساسيّة، وفي هذا الصدد تؤكّد الرابطة ما يلي:
أوّلاً:أنّ محاسبة المجرمين في المرحلة الماضية من أيّ طائفةٍ أو إثنيّةٍ كانوا، حقٌّ الشهداء والأرامل والمهجّرين واليتامى علينا جميعًا، وإنّ من قتل أبناء الشعب السوريّ، أو سرق موارده، أو انتهك حرماته؛ فهو مجرمٌ يجب محاسبته قضائيا في محاكمة عادلة تضمن للمتّهم كل وسائل تحصيله لحقّ الدفاع عن نفسه. وإنّ التنازل عن هذا الحقّ ليس من صلاحيّات أحدٍ ممّن يتولّى المسؤوليّة في العهد الجديد.
ثانيًا:أنّ من واجب ورثة الأنبياء من العلماء والمصلحين أن يطالبوا بنظام حكمٍ عادلٍ؛ يُمكِّنُ الشعبَ من اختيار حكّامِه ونوّابه، ومحاسبتهم وعزلِهم، ويقيم فيهم العدل الإلهيّ والنظام الذي يحفظ لهم حقوقهم كافّةً.
ثالثاً:أنّ الانتقال إلى مرحلة جديدة في حكم البلاد يقتضي إلغاء القوانين التعسّفيّة وحالة الطوارئ وكلّ ما نتج عنها من جرائم في حقّ الشعب السوريّ الحرّ والعاملين للإسلام من أبنائه، ويلزم منه التوافق على دستورٍ يقرّ بالحريّات العامّة لكلّ أفراد المجتمع، ويضمن تحقيقها، ويعاقب من يقيّد تلك الحريّات، على أن يكتب بإرادة وطنيّة حرّة، بحيث لا تتعارض أيّ من موادّه مع التشريع الإسلاميّ، وينبغي أن تكون الشريعة مصدرًا للتشريعات في الدولة، فالإسلام هو دين الغالبيّة العظمى من شعبنا الحرّ، وهو مصدر الحقوق العادلة لجميع الطوائف والإثنيّات في المجتمع.
رابعًا:أنّ إزالة كل مظاهر التغيير الديمغرافيّ التي فرضها النظام السابق على الأرض خدمةً لمشروع الملالي واجب شرعيّ، وهو مظهر من مظاهر احتلالهم لبلادنا، فيجب أن تزول تلك المظاهر بزوال احتلالهم.
خامسًا:أنّ كلّ ما صادره النظام من الأملاك العامّة أو الخاصة منذ عام 1963 في حكم العدم شرعًا، ولا يجوز الانتفاع به إلا بإرادةٍ من نظام جديد مستقرّ، يمكّن أهل الاستحقاق من أملاكهم وحقوقهم. كما لا يجوز لأحدٍ أن يعمل وفق الاتفاقيات التي عقدها النظام مع المحتلّين، وكلّ اتّفاقيّةٍ فيها إضرار بالشعب السوريّ.
ختامًا:إنّ العلماء ورثة الأنبياء، ومن واجبهم البيان والنصح للأمّة، وإنّ الرابطة إذ تقوم بهذا الدور لترجو بذلك أن تكون وفيّة لدماء الشهداء وأن تحفظ مكاسب الثورة المباركة، نسأل الله تعالى أن يمكّن لنا في بلادنا، وأن يجعل عاقبة ثورتنا خيرًا وبركة على الأمّة الإسلاميّة كلّها.
رابطة العلماء السوريين
الأربعاء 09 جمادى الآخرة 1446هـ الموافق 11 كانون أول 2024 م