أتابع في هذه المقالة ما كنت بدأت في مقالة " القرآن الكريم في عيون غربية منصفة " وأرجو من القارىء الكريم أن يراجع مقدمة تلك المقالة .
إلى المهاجر الأعظم : في ديوانه الرائع (الديوان الشرقي للشاعر الغربي) يخاطب شاعر الألمان غوته ، أستاذه الروحي الشاعر حافظ شيرازي فيقول : "أي حافظ ! إن أغانيك لتبعث السكون … وإنني مهاجر إليك بأجناس البشرية المحطمة ، لتحملنا في طريق الهجرة إلى المهاجر الأعظم محمد بن عبد الله …"(1).
ويقول غوته : "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد(2)… ، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد"(3). ويقول الأديب الروسي (ليو تولستوي) والذي حرمته الكنيسة بسبب آرائه الحرة الجريئة : "أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه ، وليكون هو أيضاً آخر الأنبياء … ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام ، وفتح لها طريق الرقي والمدينة" .
ويقول الشاعر الفرنسي الشهير (لا مارتين) : "أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة واعية ، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود، ومن ذا الذي يجرؤ على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد ؟! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه ، عند النظر إلى جميع المقاييس التي تُقاس بها عظمة الإنسان؟! إن سلوكه عند النصر وطموحه الذي كان مكرساً لتبليغ الرسالة وصلواته الطويلة وحواره السماوي هذه كلها تدل على إيمان كامل مكّنه من إرساء أركان العقيدة . إن الرسول والخطيب والمشرع والفاتح ومصلح العقائد الأخرى الذي أسس عبادة غير قائمة على تقديس الصور هو محمد ، لقد هدم الرسول المعتقدات التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق"(4).
ويقول الفيلسوف الإنجليزي جورج برناردشو : "لقد درست محمداً باعتباره رجلاً مدهشاً ، فرأيته بعيداً عن مخاصمة المسيح ، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية ، وأوربة بدأت في العصر الراهن تفهم عقيدة التوحيد ، وربما ذهبت إلى أبعد من ذلك ، فتعترف بقدرة هذه العقيدة على حل مشكلاتها بطريقة تجلب السلام والسعادة ! فبهذه الروح يجب أن تفهموا نبوءتي"(5). "إذا حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس ، قلنا إن محمداً رسول المسلمين أعظم عظماء التاريخ ، فقد كبح جماح التعصب والخرافات ، وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم ديناً واضحاً قوياً ، استطاع أن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم"(6). "لم يسجل التاريخ أن رجلاً واحداً ، سوى محمد ، كان صاحب رسالة وباني أمة ، ومؤسس دولة … هذه الثلاثة التي قام بها محمد ، كانت وحدة متلاحمة ، وكان الدين هو القوة التي توحدها على مدى التاريخ"(7). ويقول الفيلسوف الفرنسي فولتير : "لقد قام الرسول بأعظم دور يمكن لإنســان أن يقوم به على الأرض … إن أقل ما يقال عن محمد أنه قـــد جاء بكتاب وجاهد ، والإسلام لم يتغير قط ، أما أنتم ورجال دينكم فقد غيرتم دينكم عشرين مرة"(8).
ويقول مايكل هارت في كتاب (المائة الأوائل) : "كان محمد الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح في مهمته إلى أقصى حد ، سواء على المستوى الديني أم على المستوي الزمني"(9).
أما عالم اللاهوت السويسري المعاصر د. هانز كونج والذي يعتقد أن المسيح إنسان ورسول فحسب اختاره الله ، فيقول : "محمد نبي حقيقي بمعنى الكلمة ، ولا يمكننا بعد إنكار أن محمداً هو المرشد القائد على طريق النجاة"(10). ومما ميز حياة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم أن حياته وسيرته وشمائله كلها قد حفظها لنا التاريخ ، فليس ثمة غموض في أي ناحية من حياته وسيرته . وقد اعترف بهذه الحقيقة كبار المؤرخين الغربيين . فالمؤرخ البريطاني الشهير (أرنولد توينبي) يقول : "الذين يريدون أن يدرسوا السيرة النبوية العطرة يجدون أمامهم من الأسفار مما لا يتوافر مثله للباحثين في حياة أي نبي من أنبياء الله الكرام"(11).
ويقول الكونت كاتياني في كتابه (تاريخ الإسلام) : "أليس الرسول جديراً بأن تقدَّم للعالم سيرته حتى لا يطمسها الحاقدون عليه وعلى دعوته التي جاء بها لينشر في العالم الحب والسلام؟! وإن الوثائق الحقيقية التي بين أيدينا عن رسول الإسلام ندر أن نجد مثلها ، فتاريخ عيسى وما ورد في شأنه في الإنجيل لا يشفي الغليل" .
ويقول المستشرق المعروف غوستاف لوبون : " نعرف ما فيه الكفاية عن حياة محمد ، أما حياة المسيح فمجهولة تقريباً ، وإنك لن تطمع أن تبحث عن حياته في الأناجيل"(12).
ويلحّ ر. ف. بودلي على هذا المعنى فيقول : "لا نعرف إلا شذرات عن حياة المسيح، أما في سيرة محمد فنعرف الشيء الكثير ، ونجد التاريخ بدل الظلال والغموض"(13).
ويقول المستشرق هيل في كتابه (حضارة العرب) : "لقد أخرج محمد للوجود أمة ، ومكن لعبادة الله في الأرض ، ووضع أسس العدالة والمساواة الاجتماعية ، وأحل النظام والتناسق والطاعة والعزة في أقوام لا تعرف غير الفوضى".
ويقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتابه(العرب) : "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )) كان محمد رحمة حقيقية ، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق"(14).
ويقول المؤرخ كريستوفر دارسون في كتابه (قواعد الحركة في تاريخ العالم) : "إن الأوضاع العالمية تغيرت تغيراً مفاجئاً بفعل فرد واحد ظهر في التاريخ هو محمد"
ويقول العلامة شيريل ، عميد كلية الحقوق بفيينا :"إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها"(15).
ويقول الباحث الفرنسي كليمان هوارت : "لم يكن محمداً نبياً عادياً ، بل استحق بجدارة أن يكون خاتم الأنبياء ، لأنه قابل كل الصعاب التي قابلت كل الأنبياء الذين سبقوه مضاعفة من بني قومه … نبي ليس عادياً من يقسم أنه "لو سرقت فاطمة ابنته لقطع يدها" ! ولو أن المسلمين اتخذوا رسولهم قدوة في نشر الدعوة لأصبح العالم مسلماً"(16).
ونختم بقول الشاعر الروسي الشهير (بوشكين) : "شُقّ الصدر ، ونُزع منه القلب الخافق … غسلته الملائكة ، ثم أُثبت مكانه ! قم أيها النبي وطف العالم …. وأشعل النور في قلوب الناس"(17).
*** (( من كتاب " ربحت محمدا ولم أخسر المسيح "
-------------------- (1) (الديوان الشرقي للشاعر الغربي) غوته ص(31) ويعتبر هذا الديوان أهم وصاياه للأجيال . (2) (آفاق جديدة للدعوة) العلامة أنور الجندي (81) . (3) (شمس الله تسطع على الغرب) زيغريدهونكه (465) . (4) (السفر إلى الشرق) ص(277) . (5) عن (موسوعة مقدمات المناهج والعلوم) العلامةأنور الجندي ( مجلد 8 / 211 ) . (6) المؤرخ ول ديورانت في موسوعته (قصة الحضارة) المجلد الحادي عشر . (7) المؤرخ فيليب حتّي ، عن (مقدمات العلوم والمناهج) أنور الجندي ( 8 / 214 ) . (8) نقلاً عن (غوته والعالم العربي)كاتارينا مومزن (181 و 355 ) (9) (المائة الأوائل) مايكل هارت (33) . (10) عن (الإسلام نهر يبحث عن مجرى) الدكتور شوقي أبو خليل (15) . (11) (مدخل تاريخي للدين) توينبي . (12) (حياة الحقائق) غوستاف لوبون ص(62) . (13) (حياة محمد) المستشرق بودلي ص(6) . (14) المستشرق الإسباني جان ليك (العرب) (43) . (15) عن (هذا ديننا) محمد الغزالي (254) . (16) عن (محمد في الآداب العالمية المنصفة) (142) . (17) (قصائد شرقية) ألكسندر بوشكين ص(45) .
تنويه:
جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين