نص الاستشارة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صديق لي للاسف هو عاص مصر على الصغائر...طبعا يصلي ويصوم ويزكي، فهل يأخذ ثواب هذه الأعمال جميعا؟ ذات مرة قلت له انت مصر على معاصيك لماذا لا تفعل شيئا صالحا فأصبح يعمل اعمالا صالحة مثل مساهمة في بناء مسجد وصدقات جارية، فهل يقبلها الله منه؟ علما انه اذا خلا بمحارم الله انتهكها واصبح للاسف متعودا على الحرام، وهل سيجعل الله عمله هباء منثورا يوم القيامة؟ علما انه ساتر على نفسه، وهل حديث "اذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" يطبق عليه ام على من؟
الإجابة:
وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته
لا شك أن الإصرار على الصغائر خطير لأنه يهون شأن المعصية عند فاعلها وربما يقوده الى الكبيرة، بل إن بعض العلماء يرى أن الإصرار على الصغيرة قد يرقى بها الى درجة الكبيرة إذا كان ذلك عن استخفاف بها، وعلى كل حال فإن القاعدة الشرعية في هذا الباب وهي أثر عن عدل الله تعالى هي ما جاء في قوله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" فكل ما يعمله الإنسان سيجازى عليه إن خيرا فخير و إن شرا فشر ، طبعا مع شرط الإخلاص في كل عمل صالح. والعبرة في النهاية لما يغلب من أعماله.
وأما الحديث الذي تقصده فلعله ما أخرجه ابن ماجه في سننه عن ثوبان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله -عز وجل- هباء منثورا"، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفْهم لنا، جلِّهم لنا، أن لا نكون منهم، ونحن لا نعلم. قال: "أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" فهذا الحديث له أكثر من تفسير ومنها أن هؤلاء غلبت سيئاتهم على حسناتهم فصارت حسناتهم كأنها هباء منثورا، ومنها أن هؤلاء يراؤون بالأعمال الصالحة التي يظهرونها للناس وهم في حقيقتهم من العصاة والفسقة الذين ينتهكون محارم الله فلا تقبل أعمالهم التي فعلوها رياء وإن كان ظاهرها للناس أنها حسنات.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته و أن يرزقنا الإخلاص في القول و العمل وأن يعيننا على خشيته وتقواه.
.